وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
فإن قيل: فكيف يجتمِعُ الرِّضاءُ بالقَضاءِ بالمصائِبِ مع شِدَّةِ الكراهةِ والنُّفرةِ منها؟ وكيف يكَلَّفُ العبدُ أن يرضى بما هو مؤلمٌ له، وهو كارِهٌ له، والألمُ يقتضي الكراهةَ والبُغضَ المضادَّ للرِّضا واجتماعُ الضِّدَّينِ محالٌ؟ قيل: الشَّيءُ قد يكونُ محبوبًا مَرضيًّا من جهةٍ، ومكروهًا من جهةٍ أُخرى، كشُربِ الدَّواءِ النَّافِعِ الكريهِ، فإنَّ المريضَ يرضى به مع شِدَّةِ كراهتِه له، وكصومِ اليومِ الشَّديدِ الحَرِّ، فإنَّ الصائِمَ يرضى به مع شِدَّةِ كراهتِه له، وكالجِهادِ للأعداءِ؛ قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ.
.
ثانيا : العزة: فالمؤمن عزيز بإيمانه بالله وقدره فلا يذل لأحد إلا لله سبحانه لأنه علم وتيقن أن النافع الضار هو الله، وأن الذي بيده ملكوت كل شيء هو الله ،وأنه لا شيء يحدث إلا بأمر الله، قال تعالى : أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ 54 الأعراف.