والوجه القطع بأن ما ذكره في الترقوة والضِّلع مآلٌ في الحكم، وليس تقديراً مثبوتاً يجب اتباعه، وقد يجوز لمن يسلك طريق القولين أن يشبه أقضية أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في الحكومات أنها متبعة كما اتبعت أقضيتهم في إثبات أمثال الصيود، ولم أسمع أحداً يُجري القولين في العين القائمة؛ لمذهب زيد بن ثابت؛ ولعل السبب فيه أن ذكر الدنانير مشعرٌ بالتقريب والاجتهاد، بخلاف ذكر الجَمَل؛ فإنه بالتوقيف أشبه.
وسنتكلم في المعيب والسليم في الباب الذي يلي هذا عند ذكرنا تصنيف الإبل.
والثاني: لا نضرب عليهما، وإليه صار معظم الأصحاب.
وإذا جمعنا هذه العبارات، انتظم منها خلاف ظاهر في المعنى، ولو قيل: إذا قطع من العليا ما لم ينطبق معه ما بقي على السفلى، مع تقدير السفلى، وقطع من السفلى ما لا ينطبق-مع تقدير العليا- على العليا حتى يحصل بقطعهما امتناع الانطباق، كان قريباً، ويمكن أن نعزي هذا إلى المذهب؛ فإني لم أقله حتى رأيت مرامز في كلام الأئمة تشير إلى مراعاة فَرْق الانطباق، ولم يختلفوا في أن الأجفان يراعى استئصالها، والسبب فيه أن منفعتها تستر الحدقة فحسب، ولا يتحقق كمال الجناية إلا بالاستئصال، وفي الشفتين منافع متصلة بالأجزاء المتصلة بها، وكان سببُ التردد ما نبهنا عليه، ولم يصر أحد من أصحابنا إلى أخذ شيء من الشدق، في عرض الوجه، وإنما المقطوع من الشفتين منحدر بالانتهاء إلى الشدقين.