أيها المسلمون فاتقوا الله ، وتذاكروا مغادرة الدنيا ،واستقبال الآخرة ، فإن الساعة آتية لا ريب فيها, ووالله ليبعثن الله من في القبور ،كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون فيها ، فالأواصر الدنيوية مهما كانت عميقة ، فإنها تتناثر في أدنى امتحان, و من هنا جاء التقرير الرباني الحق ، فقال الله تعالى : {الأَخِلاَّءُ يَومَئِذٍ, بَعضُهُم لِبَعضٍ, عَدُوُّ إِلاَّ المُتَّقِينَ} الزخرف 67, فالخلة حقا هي خلة التقوى, والرابط الصدق هي رابطة الدين, وأما النسب والصهر ، والصداقة الدنيوية ،فقد تكون وبالا على أصحابها ،وقد تكون في الحقيقة عداوة ،كما قال الله تعالى : {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِن أَزوَاجِكُم وَأَولادِكُم عَدُوّاً لَكُم فَاحذَرُوهُم} التغابن 14, ومن لم يحذرهم في الدنيا ،فحتما سيفر منهم في الآخرة, وليس للمرء أن يتقي شر ذلك اليوم إلا بالفرار.
فلكل نفسه وشأنه ، ولديه الكفاية من الهم الخاص به ، الذي لا يدع له فضلة من وعي أو جهد: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ.