واستقصاء مواقف حلمه تستعصي على المستقصى، وفي مواقف أصحابه وأتباعه بعض إشارة لهذا الجانب من جوانب أخلاقه عليه الصلاة والسلام، إذ منه تعلَّموا وعلى يديه تربوا.
وما هذا إلا غيضٌ من فيضِ حِلْمه وأَنَاته على من جهل عليه صلوات ربي وسلامه عليه، وإلا فالأمثلة والنماذج الدالة على حِلْمه وعفوه وصفحه ما لا تسعه هذه الأسطر.
مما لا شك فيه أن ليس كل منا لديه القدرة على هذه المرتبة العالية من الحِلْم، وهو أمر قد يشق على النفس البشرية، لكنه يسير لمن يسَّره الله له، ويختلف الناس ويتفاوتون في درجات ومراتب حِلْمهم، ولعلنا بشيء من الدربة والتمرن على ذلك نصل بأنفسنا إلى المراتب العلى من الحِلْم؛ فإنما الحِلم بالتحَلُّم.
فإذا عمل بالأسباب المتقدمة لم تضره شيئا بإذن الله تصديقا؛ لقول رسوله صلى الله عليه وسلم ، وثقة بنجاح الأسباب الدافعة له.