؟ أليس من تمثلاته تحريم الزنا واللواط… ما يسمونه بالعلاقة الجنسية الرضائية خارج إطار مؤسسة الزواج! والثانيةُ: ضَعْفِ كَيدِ الكافرين؛ لأنَّ كُلَّ مُحاولاتِهم لم تَكَدْ تَعْدو النَّفْخَ بأفواهِهم، وما ذلك بمُحقِّقٍ لهم ما يُريدونَ ، سادسا : ومِن محاسِنِ البيانِ أيضًا في قولِه تعالى: نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ أنَّ فيه إضافَتينِ؛ إحْداهُما: إضافةُ النُّورِ إلى اللهِ تعالى: نُورَ اللَّهِ ، والمُرادُ به دِينُ الإسلامِ، والأُخْرى إضافةُ الأفواهِ، وهي الآلةُ المُستَعْملةُ للإطفاءِ إلى جماعةِ المُريدينَ لإطفاءِ النُّورِ: بِأَفْوَاهِهِمْ ، وعند التَّأمُّلِ في الإضافةِ الأُوْلى: نُورَ اللَّهِ يتَّضِحُ أنَّ النُّورَ المُضافَ قَدْ اكْتَسَبَ قَدْرًا مِن خَصائصِ القوَّةِ والعَظَمةِ والشَّرَفِ والعُلوِّ والبَقاءِ من المضافِ إليه الله ، ثم تأتي الإضافةُ الأُخْرى: بِأَفْوَاهِهِمْ بإضافةِ الأفواهِ الضَّعيفةِ إلى نفَرٍ مِن البَشَرِ المخلوقينَ الضُّعفاءِ؛ فالمضافُ فيها- وهو كلمةُ: أفواهٍ - على ما فيه من الضَّعْفِ العُضويِّ والعَضَليِّ يَزدادُ ضعفًا من خلال إضافتِه إلى الضَّميرِ المُتَّصِلِ هُمْ العائدِ إلى أولئك المخلوقينَ المهازيلِ، وهذا مِن عجيبِ البَيانِ؛ إذ يَجْمعُ أَمْرَين : أحدُهما: التَّهكُّمُ بإرادتِهم، وزعْمِهم أنَّه نورٌ ضعيفٌ يُمكِنُ أنْ يَنطفِئ بمجرَّد النَّفخِ، والآخَرُ: تَصغيرُ شأنِهم، وتَضعيفُ كيدِهم؛ فهم بالمقارنةِ مع قوَّةِ الخَالقِ العظيمِ ضُعفاءُ، مهما أُوتُوا مِن قوَّةٍ، ومَحْدُودون مهما اسْتَعْملوا من آلةٍ وأداةٍ؛ فكيف إذا كانتْ أداةُ الإطفاءِ أفواهَهم ؟ ، سابعا : قولُهُ تعالى : وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، فيه مُناسَبةٌ حَسَنةٌ، حيثُ خُصَّ المشرِكون هنا بالذِّكْرِ؛ لأنَّ الكَراهةَ كراهةٌ مُختصَّةٌ بظهورِ دِينِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنَّ ظهورَ دينِ الإسلامِ أشدُّ حسرةً على المشركين مِن كلِّ أُمَّةٍ؛ لأنَّهم الذين ابتدءُوا بمعارضتِه وعداوتِه، ودَعَوا الأُممَ للتألُّبِ عليه، واستَنْصروا بهم، فلم يُغنوا عنهم شيئًا، ولأنَّ أتمَّ مظاهرِ انتصارِ الإسلامِ كان في جزيرة العربِ، وهي ديارُ المشركينَ، وخُصَّ الكافرون قَبْلُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ؛ لأنَّها كراهةُ إتمامِ نُورِ اللهِ في قَديمِ الدَّهْرِ، وباقِيه يَعُمُّ الكَفَرةَ من لَدُنْ خَلْقِ الدُّنيا إلى انْقِراضِها، ووَقعتِ الكراهةُ والإتمامُ مِرارًا كثيرةً.
.