وعندما صعدت الفتاة سلم الطائرة، علت على شفتيها ابتسامة انتصار وتشف، لقد عزفت النشيد الوطني الصهيوني الاسرائيلي، وهو خير ختام لمرحلة العذاب الطويل من الاهانات والتحقير والطرد النهائي فقد أبْدَلَ الاضطهاد والظلم، النشيد الوطني العراقي بالنشيد الوطني الاسرائيلي، عند هؤلاء الذين أخلصوا للعراق العربي وفرحوا عندما كان العراق أول من ابدل أسماء الرتب العسكرية العثمانية الى اللغة العربية الفصحى، ورفعوا وطنهم الى مصاف الدول الحديثة، كانها تقول لهم، مع مجنون ليلي: دعوني فأرض الله واسعة غدا أبدل أحبابا وأوطانا وحين وصل القادمون الجدد إلى أرض الميعاد وسكنوا في خيام معسكراتهم المظلمة، كاد هؤلاء المطربون والموسيقيون يموتون جوعا وكمدا في أيام الفقر والعوز والبحث عن عمل يكسبون به لقمة العيش لهم ولأولادهم.
ولم يبق من المطربين والموسيقيين من الذين قدموا من العراق سوى القليل من المخضرمين الذين عزفوا في دار الاذاعة العراقية في بغداد.
ثم سكن روعهم عندما علت ابتسامة الدهشة والاعجاب شفاه الكمركجية ورجال الشرطة لهذا اللحن الجديد، ولم يفهموا لماذا بدا الخوف والقلق واصفرت وجوه المطرودين لهذا اللحن الحنون، والذي اقنع موظفي المطار بموهبتها الموسيقية، quot;وإذ خمد الصوت الأخير بمسمع رجال الشرطة عادوا الى رباطة جأشهم وكبريائهم المتناثرة شظايا صارخين بصوت عال : quot;يلله، يلله! وابتسم الحظ لصالح وداود الكويتي ولألبير الياس، وداود اكرم الكمنجاتي، ويوسف زعرور عازف القانون، وحسقيل شبث قارئ المقام، وغيرهم، إذ تعرف عليهم مديرها السيد شاؤول بار- حاييم، واحتضنهم وأصرّ على مساواة اجورهم بأجور عازفي السمفونيات في أوركيسترا الموسيقى الأوروبية في إسرائيل.
قناة جميله احب برامجها وخاصه حديث بغداد وعائلتي تربح.