عندما كان عمر يحتضر لم يرغب بأن يولّي على المسلمين بعده أحدًا بعينه؛ فقد قال: « أن أعهَدَ فقد عهد من هو خيرٌ مني، وإن لم أعهد فلم يعهد من هو خير مني» يقصد أبا بكرٍ الذي عهد به، والرسول الذي رفض أن يعهد لأحد ، ورغم ذلك اختار عمر ستة من كبار الصَّحابة، وطلب منهم أن ينتخبوا خليفةً من بينهم، دون أن يرشح لهم أحدًا بعينه، وكان هؤلاء عثمانَ وعليًّا ، وأمهلهم ثلاثة أيَّامٍ بعد وفاته لكي يختاروا الخليفة الجديد.
وقد كتب عُثمان بن عفَّان عهدَ أبي بكرٍ إلى عُمر، وأوصى أبو بكر خليفته باستكمال الفتوح، وذكَّره بما يجب أن يكون عليه وليّ أمر المُسلمين، وفي يوم الاثنين سنة المُوافق سنة ، توفي أبو بكر في منزله بالمدينة المنوَّرة عن 61 سنة.
أخذت المشاكل تدبُّ في جسم دولة الخِلافة الراشدة خلال عهد ، عندما وقع الانقسام بين المُسلمين لأوَّل مرَّة ممَّا أدّى إلى ، وتفاقمت المشاكل لاحقًا في عهد ، وقد انتهى العهد الراشِدي واقعيًّا بعدما تحاكم عليّ ، بعد رفع المصاحف في فانقسمت الدولة على إقليمين، أحدهما خاضعٌ لعليّ والآخر لمُعاوية، وانتهت تمامًا بعد أن تنازل الحسن بن علي عن الخِلافة لمُعاوية في ، حقنًا لدماء المُسلمين، وبعد وفاة الحسن ثبَّت مُعاوية الحكم في وجعلها وراثيَّة؛ فكان بذلك المؤسس للدولة الإسلاميَّة الثانية.
ولكن قبل أن يحوِّل نظره شطر الأنحاء التي أعلن أهلها ارتدادهم عن الإسلام، قرر أبو بكر تلبية رغبة النبيّ مُحمَّد قبل وفاته، وهي إرسال إلى مشارف للإغارة على القبائل الشاميَّة على الطريق التجاري بين ، ولمُحاربة الروم.