وتذكر الطبيب فجأة شيئين: تذكر أن القسيس عضو في هيئة المستشفى، وأنه يطمع في أن يصبح الطبيب الأول في هذا المستشفى بالذات، ووافق قائلًا: حسنًا! وخطت ماري الصغيرة إلى الأمام ورفعت الدمية عالية في الفضاء، ثم جعلت السيدة تمسكها، في حين بسطت هي إزارها وحيَّت الحاضرين، ورأت فرانسي أن القول كان حقًّا؛ إذ إن الدمية كانت تلبس فستانًا أزرق حريريًّا، ذُيِّل بالأشرطة، وقرص شعر قرنفلي اللون، وخُفَّين مفتوحَين أسودَين من الجلد، وجوربًا حريريًّا أبيض مثنيًّا مرتين، تمامًا كما كانت تلبس ماري الجميلة، وقالت السيدة: وبعدُ، فإن هذه الدمية تدعى ماري، تيمنًا باسم الطفلة الصغيرة الحنون التي تهديها.
ووقفت فرانسي مطرقة الرأس بعد غضبة الطبيب، كانت فتاة قذرة، ذلك ما كان يعنيه الطبيب الذي أصبح يتكلم في هدوء، سائلًا الممرضة كيف يستطيع هؤلاء الناس أن يواصلوا العيش، وإن العالم سوف يكون أفضل لو أنهم عقموا جميعًا بحيث لا يستطيعون أن ينجبوا بعدُ، أيعني بذلك أنه كان يريد لها أن تموت؟ أتراه يفعل شيئًا يؤدي إلى موتها؛ لأن يديها وذراعيها كانت قذرة من جراء أقراص الطين؟ ونظرت إلى الممرضة، وكانت كل النساء في نظر فرانسي أمهاتٍ كأمها، وخالتها سيسي وخالتها إيفي، وظنت أن الممرضة قد تقول شيئًا من هذا القبيل: ربما تكون أم هذه الفتاة من العاملات، ولم تجد وقتًا لغسلها جيدًا في هذا الصباح.
وقالت لفرانسي: ادخلي إلى الحلاق وهاتي وعاء أبيك.
ولم تكن الآنسة بيرنستون مدرسة الرسم التي تأتي أيضًا مرة في الأسبوع محبوبة كل الحب مثل السيد مورتون، ولكنهم يعجبون بها كما يعجبون به، آه! وفكرن كيف تبلغ بها الجرأة أن تتصرف كما لو كان لها الحق في أن تفعل ذلك؟ ومعظم هؤلاء النساء الشريفات نشَّأن أطفالهن بالصراخ والضرب، والكثيرات منهن يكرهن أزواجهن الذين ينامون إلى جوارهن بالليل، ولم يعدن يشعرن بمتعةٍ كبيرة معهم، وكن يتحملن في صرامةٍ المعاشرة الزوجية معهم، وهن يصلين طول الوقت ألا تكون النتيجة طفلًا آخر، وجعل هذا الاستسلام المرير الرجل فظًّا متوحشًا، وأصبحت المعاشرة الزوجية في نظر بعضهم رجالًا ونساءً أمرًا وحشيًّا، كلما عجلوا بنهايتها كان ذلك أفضل لهم، وكرهوا هذه الفتاة لأنهم شعروا أن شأنها مع أبي طفلها لم يكن كشأنهم.